أذكى شخص في العالم يدعى (ن ح ن)
المجموع أقوى من الفرد :
مهما بلغ الفرد من القوة والذكاء لا يمكن أن يكون أقوى من المجموع، وكما قال الكاتب الكبير ـ صاحب النظريات الثورية في علم الإدارة، مؤلف كتاب مدير الدقيقة الواحدة ـ كين بلانشارد: (ليس بيننا فرد واحد يبلغ ذكاؤه درجة أعلى منا مجتمعين). ([1])
وكما يقول توم ويلسون، زيجي: (الكثير منا أكثر قدرة من بعضنا.. ولكن ليس منا من هو أكثر قدرة منا جميعًا!!). ([2])
وكما هو معروف أن من النظريات الشهيرة الخاصة بالمثلثات أن: (مجموع طولي أي ضلعين في مثلث أكبر من طول الضلع الثالث).
أي أنه يستحيل أن يوجد أي مثلث طول ضلع فيه أكبر من مجموع طولي الضلعين الآخرين، وإذا كان طول ضلع واحد لا يستطيع أن يساوي طول ضلعين معًا؛ فكيف به أمام آلاف من الضلوع المجتمعة معًا؟
هل يمكن ساعتها لضلع واحد أن يكون له وزن أو حساب أمام آلاف الضلوع؟! هكذا قوة الفرد لا وزن لها ولا حساب أمام قوة المجموع.
ومن هذا المبدأ الرياضي البسيط ندرك قيمة الجماعية، وأنه لا قيمة لجهد الفرد إذا لم يتحد مع جهد غيره من الأفراد، وأن الفرد مهما أوتي من قوة وذكاء ومقدرة لا يسوى في واقع الحياة شيئًا ما لم يتحد مع غيره من الأفراد.
ولذا فليست العبرة من الأفضل أو الأكثر قدرة ولكن العبرة أننا معًا أفضل كما قال دان زادرا: (لا أحد يستطيع أن يكون الأفضل في كل شيء. ولكن عندما نوحد مواهبنا جميعًا، نستطيع أن نكون الأفضل في كل شيء تقريبا). ([3])
وإذا كنت مصرًا على أن تبحث من هو أذكى وأفضل فهناك شخص واحد فقط من هو أفضل وأذكى من أي واحد فينا، إنه هذا الشخص الذي يدعى"نحن"يقول مايكل نولان: (هناك من هو أذكى وأبرع من أي شخص فينا وهذا هو نحن جميعًا)([4]).
ولذا فعلامة نضجك النفسي والفكري في هذه الحياة هو أن تتحول من شخص يبحث عن "الأنا" ويتحدث بلغة أنا دائمًا؛ إلى شخص همه "نحن" ويتحدث دائمًا بلغة "نحن".
الإسلام يحث على الجماعية :لقد حرص الإسلام على الجماعية وعلى أن يكون المسلمون يدًا واحدة متحدين غير متفرقين قال تعالى :
( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) [آل عمران: 103]
وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا مثالًا يوضح لنا كيفية التعاون والاتحاد التي يجب أن يكون عليها المسلمون، وكيف يتعايشون معًا بروح "نحن" فقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))([5])،
وهكذا يجب أن تكون روح فرق العمل روح الجسد الواحد.
ومما يؤكد لنا مدى اهتمام الإسلام بالجماعية؛ حث الإسلام أتباعه على التمسك بها في كل أمور الحياة، "فالمتبصر بالنصوص يدرك كيف حث الإسلام على الجماعية في الأمور الدنيوية، كالسفر وأمثاله لأجل التعاون على جلب المنافع ودفع المضار، وإن هذا الأمر فطر عليه بنو آدم لأن الإنسان مدني بالطبع.
ولعل من أبرز ما يستدل به على اهتمام الإسلام بالجماعية، حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الجماعية في السفر حيث قال صلى الله عليه وسلم: "((لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحد))([6]).
بل إن الراكب وحده شيطان كما ورد في الحديث((الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب))([7]).
بل حتى الشعائر التعبدية تتحقق بشكل أفضل، ويحصل بها ثواب أكبر؛ عندما تؤدى جماعة.
فصلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، والحج لا يؤدى إلا مع ركب من المؤمنين وصيام رمضان مع مجموع المسلمين فرض، بينما نافلة الصيام تؤدى منفردة، وهكذا فالأمر مطرد في جميع الشئون الدينية.
وبوجوب الجماعة في أركان الإسلام الأساسية ندرك مدى قيمة الجماعية في الإسلام، وفي الحياة بأكملها .
قصص في الجماعية :1-
فيك الخير يا كلب !!
(يذكر أن طبيباً وجد في طريقه كلبا كسرت إحدى قوائمه، فأخذه إلى عيادته ، واهتم به ، وقومها ، وجبرها، واعتنى به حتى شفي تماما ، ثم أطلق سراحه ، وبعد ذلك بزمن سمع الطبيب قرعا لطيفا على باب عيادته ، فوجد الكلب نفسه مصطحبا معه كلبا آخر مكسور الرجل ، جاء به للمعاينة والعلاج ) ([8])
من الواضح أن الكلب له علاقات جماعية واسعة مع أصدقائه الكلاب جعلتهم على اتصال قوي ببعضهم البعض ، أنتج لنا هذه الصورة من صور الرعاية والتكافل
2- القط الشهم :
(كان هناك قط اعتاد أن يجد طعامه اليومي أمام بيت أحد المهتمين به فيأكله ، وفي أحد الأيام لاحظ رب البيت أن القط لم يعد يكتفي بالقليل مما كان يقدم له من قبل ، وأصبح يتحايل لأخذ أكثر مما كان يأخذه من قبل ، فقام رب البيت يرصده ويراقبه ، فوجده يذهب بجزء من الطعام إلى قط آخر أعمى فيضعه أمامه ) ([9])
لقد أدرك القط بانتمائه إلى فصيلة القطط معنى الانتماء لأفراد فصيلته ، فكان هذا التصرف الوفي من قط يشهد له أي إنسان على وجه الأرض .
3- مشاعر حصان :
(يذكر أن فارسا صغيرا ماتت أمه عنه فقام صاحبها الأعرابي واسمه "الزعتري" -الذي يسكن مصر- برعاية الفرس اليتيم رعاية بلغت حد التدليل ، فكان يقدم له الشعير مخلوطا بالسكر ، وإذا مرض استدعى له الطبيب البيطري لفحصه إذا أصابه ما أصابه ، وتمر الأيام ويمرض الأعرابي الزعتري فيفقد الفرس شهيته ، ويترك حظيرته ليرابط أمام خيمة صاحبه ، وظل كذلك أياما ثم مات الزعتري وحمل المشيعون جنازته ، فسار الفرس خلفهم حزينا ، منكس الرأس حتى دفن صاحبه العزيز عليه في التراب ، ولما هم المشيعون بالرجوع انطلق الفرس – المفجوع – كالبرق وظل منطلقا حتى وصل إلى تل عال فصعده ثم ألقى بنفسه من قمته ليلقى حتفه وسط دهشة الجميع )([10])
لعل الفرس لم يجد إلا مثل ذلك التصرف ليعبر عن وفائه وانتمائه لمعلمه ومربيه ، وعلى حرمة ذلك الفعل في حق الآدميين إلا أنه يبقى حجة على كل من تعدى وظلم وأساء إلى من علمه وأرشده ليلقي بنفسه من فوق قمة جبل الجماعية البيضاء ويلقى حتفه في أسفل وادي الأنانية والالتفاف حول الذات .
4- شجرة تعمل في نشرة الأخبار الجوية :
على الرغم من الحفاظ على وظيفتها الأساسية كبقية الشجر من الحفاظ على نسبة الأكسجين في الجو لتحفظ حياة البشر على الأرض بذلك ، إلا أن شجرتنا هذه قد وجدت وظيفة أخرى مساعدة لبني آدم على ظهر الأرض ، حيث وجد (في جنوب الصين شجرة غريبة تكون أوراقها في الأحوال الجوية العادية خضراء كأوراق الشجر ، وقبل حدوث الفيضانات وهطول الأمطار تتغير فتصبح حمراء ، فأصبحت عند سكان تلك المنطقة كمراقبة للأحوال الجوية)([11])
من الواضح أن هذه الشجرة عندها طاقة زائدة للأعمال الجماعية المفيدة !!
فهل نحن في هذا المنتدى مجتمعون على قلب رجل واحد ,,,